أكلات طيبة
الدكتور عدنان وهبي
جملة جميلة أول مايتعلمها أطفالنا عندما يخرجون إلى الأسواق في أول خطوة يواجهون فيها الحياة,أطعمة مصنعة محليا بامتياز أجنبي . مكوناتها الجزء البسيط من البطاطا اوالقمح أو الجبن ومشتقاتها والجزء الأكبر مواد صناعية ومنهكات وملونات كيماوية اذاها اكبر من نفعها فتخرش مراكز الذوق عندنا وتخرب حاسة الشم وتقلب قدرة التحكيم في دماغنا .
كتلك الأكلات الطيبة التي تسوقها لنا السياسة الامريكية نتناولها كأطفال صغار يسرنا بريق لونها وتزكم انفنا رائحتها الصناعية الكيماوية التي تخرب حاسة التذوق الفطرية عندنا فنضحى غير قادرين على تمييز مابين هو صناعي أجنبي استعماري ومابين هو وطني طبيعي .
هذا ماذهب إلية تفكيري عندما رأيت الشخصيات العراقية السياسية التي دخلت العراق على ظهر الدبابة الأمريكية والتي شاركت في تدمير مركز الخلافة العباسية الإسلامية ويستقبلون في العواصم العربية التي تؤيد العملية السياسة الأمريكية في العراق ويقوموا بالتوسط بينهم لتشكيل حكومة عراقية تحت الاحتلال الأمريكي وفي النهاية تختم بخاتمة.
فأي استقلالية وأي وطنية لتلك الشخصيات العراقية وكيف تسمح لنا وطنيتنا وشعورنا القومي التعامل مع هؤلاء الذين يتصارعون من اجل تحقيق انتهازيتهم في تشكيل الحكومة بوساطة عربية وليأخذ كل واحد حصته من كعكة العراق وبتروله.وهذا ماشهدناه من عمليات النهب وسرقة مليارات الدولارات وضياعها في كراسي الحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال .فأي مصلحة للعراق وشعب العراق في تولي ذلك الشخص أو الأخر رئاسة الوزراء العراقي مادام تابع للمشروع الأمريكي وليجلس على كرسيه إلا بموافقته أولا وأخرا , وهل لنا مصلحة في غير دعم المقاومة المسلحة لطرد المستعمر واعوانه.
هذه أكلة طيبة نتناولها على طبق مقدم من الاستعمار الأمريكي في العراق إما الثانية فعلى طبق الاستعمار الصهيوني في فلسطين ,وأنا هنا لااناقش موقف الأنظمة العربية التي لاتحتاج لإدانة إضافية , وإنما أناقش موقف القوى الوطنية المقاومة والتي قبلت بالعملية السياسة التي رسمها ووضع أسسها الاستعمار الصهيوني بدأ من مؤتمر مدريد إلى أوسلو إلى الانتخابات بحد ذاتها إلى الانقسام الفلسطيني الذي هو نكسة إضافية لنكسة 48 صنعناه بأيدينا ,فتقاطعت مصالحنا الذاتية الأنانية مع مصالح الصهيونية .لنأكل مرة أخرى أكلات استعمارية دون أن نميز بين طعمها المر من الحلو.
طبخة أخرى ساحتها السودان العربي تتقاطع فيه المصلحة الأمريكية الإسرائيلية مع مصلحة النظام الاستبدادي الفردي للبشير بتمرير انتخابات رئاسية دون النظر لمشروعيتها أو تجاوزاتها أو توافقها مع المصالح الوطنية للسودان ووحدته لتكون هذه الانتخابات محطة لانفصال جنوب السودان وربما انفصال دار فور فتحقق أمريكا وإسرائيل مصالحهم ويحافظ النظام على مساحة من الأرض يبسط عليها سلطة كرسيه الاستبداد ويمارس عليها هواية الرقص البهلواني بالعصي السحرية التي يحملها.
تلك بعض الأكلات الطيبة التي تحضرها لنا الإدارة الأمريكية نأكلها بشراهة ونتمسك بها بأيدينا ونصرخ عندما يحاول احد انتزاعها.
ونتسائل عن الأكلة التي يحضروها لنا في مواجه التقدم النووي الإيراني . وماهو دور الأنظمة العربية فيها وكيف سنبتلع سمومها.
ذلك عندما نضيع البوصلة في متاهات التفاوض مع العدو ومصالح البقاء في السلطة ونبتعد عن الثوابت الوطنية التي قامت عليها حركات التحرر في العالم والتي تمسكت بها ثورة 23 تموز وقيادتها بعدم التفاوض وعدم الاعتراف وعدم الصلح وعدم التفريط , ثوابت التوحد والقوة وثوابت التحرر ومقاومة الاستعمار.
الدكتور عدنان وهبي